«الإيمان والتَّصديق بأنَّ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ كلَّم موسىٰ عليه
السَّلام»
قالَ الإمام مُحمّد بن الحُسين الآجّرّيّ (ت: 360هـ) -رَحِمَهُ اللَّـهُ تَعَالَىٰ-:
"الحمد للَّـه المحمود على كلِّ حال، وصلَّى اللَّـه علىٰ مُحمَّد النَّبِيّ وعلىٰ آلهِ وسَلَّم، أمَّا بعدُ: فإنَّهُ مَنْ ادَّعىٰ أنَّهُ مسلم؛ ثمَّ زعم أنَّ اللَّـه عَزَّ وَجَلَّ لم يكلم موسىٰ فقد كفر، يُستتاب فإن تاب وإلَّا قُتل، فإن قال قائل: لم؟ قيل: لأنَّهُ ردَّ القرآن وجحده، وردَّ السُّنَّة، وخالف جميع علماء المسلمين، وزاغ عن الحق، وكان ممَّن قالَ اللَّـهُ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿وَمَن يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَىٰ وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّىٰ وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا﴾ ﴿النِّساء: ١١٥﴾.
• وأمَّا الحجَّة عليهم من القرآن: فإنَّ الله جَلَّ وَعَزَّ قالَ في
سُورة النِّساء: ﴿وَكَلَّمَ اللَّـهُ مُوسَىٰ تَكْلِيمًا﴾ ﴿النِّساء: ١٦٤﴾، وقال عزَّ وجلَّ في سورة الأعراف: ﴿وَلَمَّا جَاءَ مُوسَىٰ
لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنظُرْ إِلَيْكَ﴾ ﴿الأعراف: ١٤٣﴾.
وقالَ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿إِنِّي
اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسَالَاتِي وَبِكَلَامِي﴾ ﴿الأعراف: ١٤٤﴾، وقالَ عَزَّ وَجَلَّ في سورة طه: ﴿فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِيَ
يَا مُوسَىٰ ﴿١١﴾ إِنِّي أَنَا رَبُّكَ فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ ۖ إِنَّكَ بِالْوَادِ
الْمُقَدَّسِ طُوًى ﴿١٢﴾ وَأَنَا اخْتَرْتُكَ فَاسْتَمِعْ لِمَا يُوحَىٰ ﴿١٣﴾ إِنَّنِي أَنَا اللَّـهُ
لَا إِلَـٰهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي ﴿١٤﴾﴾ إلى آخر الآيات، وقالَ عَزَّ وَجَلَّ في سورة النَّمل: ﴿فَلَمَّا جَاءَهَا نُودِيَ
أَن بُورِكَ مَن فِي النَّارِ وَمَنْ حَوْلَهَا وَسُبْحَانَ اللَّـهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ
﴿٨﴾ يَا مُوسَىٰ إِنَّهُ أَنَا اللَّـهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ﴿٩﴾﴾.
وقالَ عَزَّ وَجَلَّ في سورة القصص: ﴿فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِيَ
مِن شَاطِئِ الْوَادِ الْأَيْمَنِ فِي الْبُقْعَةِ الْمُبَارَكَةِ مِنَ الشَّجَرَةِ
أَن يَا مُوسَىٰ إِنِّي أَنَا اللَّـهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ﴾ ﴿القصص: ٣٠﴾. وقالَ عَزَّ وَجَلَّ في سورة والنَّازعات:
﴿هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ مُوسَىٰ ﴿١٥﴾ إِذْ نَادَاهُ رَبُّهُ
بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى ﴿١٦﴾﴾.
قال محمَّد بن الحسين -رَحِمَهُ اللَّـهُ-: فمن زعم أنَّ الله عزَّ وجلَّ لم يُكلِّم موسىٰ فقد رد نص
القرآن وكفر بالله العظيم!
فإن قال منهم قائل: إنَّ الله تَعَالَى
خلق كلامًا في الشَّجرة، فكلَّم به موسىٰ! قيل لهُ: هذا هو الكفر، لأنَّهُ يزعم أنَّ
الكلام مخلوق، تعالىٰ الله عزَّ وجلَّ عن ذلك، ويزعم أنَّ مخلوقًا يدَّعي الرُّبوبية،
وهذا من أقبح القول وأسمجه!
وقيل لهُ: يا مُلحد!، هل يجوز لغير الله أنْ يقول: إِنَّنِي أَنَا اللَّـهُ؟، نعوذُ بالله أنْ
يكون قائل هذا مسلمًا، هكذا كافر يُستتاب، فإن تاب ورجع عن مذهبه السُّوء؛ وإلَّا
قتله الإمام، فإنْ لم يقتله الإمام ولم يستتبه وعلم منه أنَّ هذا مذهبه؛ هُجر ولم
يُكلّم، ولم يُسلّم عليه، ولم يُصل خلفه، ولم تُقبل شهادته، ولم يُزوجه المسلم
كريمته".اهـ.
(["الشَّريعة": (1/753) / «كتاب الإيمان والتَّصديق
بأنَّ اللَّـه عَزَّ وَجَلَّ كلَّم موسىٰ عليه السَّلام»])